من أجل نفسي التي عذبتها، من أجل روحي التي دنستها، من أجل قلبي الذي أحرقته نيران الحقد والكراهية والانتقام من المجتمع، من أجل دمعة صادقة سالت على خدي فأشعلت نيران الندم، من أجل كل الرجال الذين آذيتهم، هدمت بيوتهم، ألحقت بهم العار وزعت المرض في أجسادهم متعمدة، من أجل الهواء النقي الذي لوثته، من أجل ابنتي “أمل حياتي” التي قتلتها بنفسي، من أجل صديقتي عفاف التي غدرت بها، من أجل هذا كله قررت أن أضع حداً لحياتي حتى يرتاح مني المجتمع وأبعد عنه شري وأذاي بعد أن أصبحت مرضاً معدياً ينشر الرعب والموت بين الناس.
أعلن أنني قررت أن أقتل نفسي وأنا في كامل قواي العقلية والبدنية دون أن يدفعني أحد على ذلك والله على ما أقول شهيد وأرجو أن تسامحوني” بهذه الكلمات أنهت عبير شاكر الملاح وصيتها الموجه إلى أبناء مجتمعها الأردني وإلى كل الناس الذين عذبتهم، وأنهت بالتالي حياتها التي كانت تحسد عليها من قبل زميلاتها في نفس “الكار”، هكذا كتبت في مذكراتها التي وجدت في الشقة التي انتحرت فيها، والتي شهدت على مآسيها الطويلة وعذاباتها المستمرة مع خطيبها السابق ووالد ابنتها الوحيد وزوجها الحالي الذي احتال عليها بلسانه الجميل، واستغل ضعفها، وحولها إلى إنسانة مشوهة بعد أن دنس طهارتها وعفتها..” وهكذا عاشت في وحدة قاتلة مع نفسها بلا صحبة ولا أهل ولا أصدقاء بعد أن غرقت في بحور الخطيئة والفساد مرغمة… في مدة بسيطة حولها الرجل الشيطان إلى امرأة ساقطة بعد أن خلخل كل شيء بداخلها وأحدث شرخاً في أخلاقها ومبادئها لا يمكن إصلاحه أو ترميمه.
أصبحت كالمجنونة تشكو نفسها لنفسها، تشكو ذلك الصراع الرهيب الذي يدور في أعماقها ويطحن بذور الخير فيها. حاولت التراجع مراراً، لكنها لم تستطع، كان موقفها صعباً، مرحلة استعاده التوازن وتطبيع العلاقة مع الحياة مرة ثانية أصبح مستحيلاً، لذلك قررت الانتحار والموت، وفضلت لقاء ربها صافية النية والنفس. نعم كذلك قررت وحتى لا تؤذي أحداً دونت مذكراتها التي يحتوي هذا الكتاب نصها حرفياً، كما ويحتوي التقارير التي صدرت عن دائرة الشرطة والطبيب الشرعي والنفسي والمعمل الجنائي والتي تثبت أو تقطع بأن عبر الملاح قد توفيت منتحرة من منزلها بعد عناء طويل مع الحياة والناس وتأنيب الضمير.
Be the first to review “لن أموت وحدي”